التنميةتطوير الذات

التعلم الذاتي.. تطوير الذات بعيداً عن صعوبات المال والوقت

التعلم الذاتي .. تطوير الذات دون تحديات المال وعدم توفر الوقت:

عزيزي؛ إذا كُنتَ تريد أن تعيش الحياة التي تريدها وترغبُ في النمو خارج البيئة المُحيطة بك وتجربة الحياة على أكملِ وجه، فإنّكَ تحتاج إلى أن تأخذ طريقًا تعليميًا جديدًا خاصًا بك أنت فقط.

فغالبًا ما يبحثُ الإنسان عن أساليب تعلّم تتيحُ لهُ أن يتطور سلوكيًا ومعرفيًا ووجدانيًا، وتزودهُ بطرق تتماشى مع معطيات العصر المتطور القادم.

وهذه الطرق التعليمية بعيدةٌ كلَّ البعد عن طرق التعليم التقليدية، وفي هذا المقال سنشير إلى أسلوب تعليمي حديث يُسـّخِرُ المعطيات العامة الطبيعية والذهنية المحيطة بالإنسان لتطويره وتميّزه وهو التعليم الذاتي.

“التعليم الرسمي يمنحك وظيفة، أما التعليم الذاتي فيمنحك ثروة”، هكذا يصفه جون رون التعليم الذاتي راد الفضاء الأمريكي ،وقال أن التعليم الذاتي هو الذي يعتمد على توفير شتى صور المعرفة بطريقة مبسطة ومجانية في شكل مكتوب أو مسموع أو مرئي، عبر منصات التعليم الرقمي المنتشرة على شبكة الإنترنت.

[إنّمَا العلمُ بالتعلّم، وإنّمَا الفقهُ بالتفقه] محمد عليه الصلاة والسّلام

ويوضح سلمان خان، مؤسس منصة أكاديمية خان، في محاضرة له عبر منصة “تيد” عام 2011، أن الفيديوهات التعليمية تمكّن الطالب من مشاهدة المادة التعليمية أكثر من مرة حتى يتم استيعابها، دون أن يصاب بالملل أو الخجل، فضلا عن عدم التقيد بمرحلة عمرية محددة أو فرض مادة تعليمية للمتعلم، كما أنها تحفز الطلاب في المنازل على التعليم، وترفع عنهم رهبة الفشل، لأنهم يدرسون بهدف الإتقان وليس النجاح.

إيجابيات وسلبيات التعليم الذاتي:


 الفرص في هذا العصر والسنوات القادمة مرتبطة بقدرة كل إنسان على تطوير ذاته ليكون مواكباً للعصر وما فيه من تحديات، وهذا يعني أن التعليم الذاتي يعتمد على المجهود الشخصي والدافع للتعلم، ليس هذا وحسب، فهناك مميزات أخرى:

– غير مكلف ماليا، لعدم احتياج المتعلم إلا لجهاز حاسوب متصل بالإنترنت.

– الحرية في اختيار وقت التعليم، وأسلوب ومقدم المادة التعليمية، مما يضيف المتعة أثناء التعلم.

– تدفع المتعلم نحو المسؤولية، والقدرة على اتخاذ القرار.

أما عن السلبيات، فهي:

– ندرة التفاعل المباشر مع الأشخاص الآخرين.

– الفشل نتيجة صعوبة التأقلم مع هذا النوع من التعليم.

– المدة الزمنية طويلة لمن لا يحسن استغلال الوقت.

كما ان التعليم الذاتي التقليدي ينحصر داخل أسوار المدارس والجامعات، وهو مرتبط بالأنظمة الخاصة بها، سواء ما يتصل بجدول الحصص أو الواجبات أو الامتحانات، وعلى عكسه تم بناء التعليم الذاتي.

ومن هُنا نستنتج أهمية هذا الأسلوب التعليمي، حيثُ‏ُ يُعد من أهم أساليب التعلم التي تتيح توظيف المهارات الخاصة بالمتعلم، و التَطّور الفكري والذهني والجسدي بفعالية كبيرة.
حيثُ أنّ هناك الكثير من الأشخاص المتمسكين بأسطورة: (أنّهُ كي تتعلم شيئًا ما، يجبُ أن تتعلمهُ عندما تكون قادرًا تمامًا على تعليم نفسك).
وهناك الكثير من الأشخاص الذين أثبتوا أنهُ ليس من الممكن فقط تعليم أنفسهم في الأوضاع الصعبة بل التفوق والتميز أمثال :توماس إديسون، ريتشارد برانسون، ومايكل ديل.
وأثبتَ هؤلاء الأشخاص أنّهُ من المُمكن أن يصبح الإنسان بارعًا وناجحًا في العديد من المجالات فقط من خلال تعليم نفسه، وبالطبع ليس هناك سبب يمنع الإنسان من فعل نفس الشيٕ.

مفهوم التعلّم الذَّاتي:

لم يجمع العلماء والباحثين على تعريف شامل لهذا الاتجاه في التعليم، ولكن هناك العديد من التعريفات التي وضعت باجتهاد شخصي من قبل بعض المُدرسين والأساتذة الذين اعتمدوا على خبراتهم وتجاربهم.
⬅ منهم من قال أنَّ: التعلم الذاتي هو العملية التي يقوم فيها المتعلمين بتعليم أنفسهم مستخدمين مواد أو مصادر لتحقيق أهداف واضحة دون مساعدة مباشرة من المعلم.
⬅ ومنهم من قال أنَّ: التعلم الذاتي يحصل نتيجة تعلم الفرد نفسه بنفسه، عن طريق مجموعة من التعليمات التي تساعد على تحسين التعلم عن طريق تأكيد ذاتية الأفراد المتعلمين، من خلال برامج تعليمية متقنة تعمل على خلق اتجاهات ومهارات متعددة لدى المتعلم للقدرة على اكتساب المعلومات وتعلم مهارات جديدة متميزة.

ينحصر التعليم التقليدي داخل أسوار المدارس والجامعات ويتقيد بثقافة التلقي والمواعيد ، وهو مرتبط بالأنظمة الخاصة بها، سواء ما يتصل بجدول الحصص أو الواجبات أو الامتحانات، وعلى عكسه تم بناء التعليم الذاتي

 مهارات التعلم الذاتي:

لكي يسلك الطالب طريق التعلم الذاتي يجب عليه أن يكون متسلحًا ببعض المهارات، منها:
• المشاركة بالرأي.
• ‏التقويم الذاتي.
• ‏التعاون.
• ‏الاستفادة من التسهيلات المتوفرة في بيئة المتعلم.
• ‏الاستعداد والقابلية للتعلم.
• ‏الإرادة.
• ‏التفكير الإيجابي.

أبرز منصات التعلم الذاتي:

 هناك العديد من منصات التعليم الذاتي على شبكة الإنترنت توفر جميع المعلومات الخاصة بكل فرع من فروع المعرفة في شكل محاضرات وحصص تعليمية، وتنقسم تلك المنصات إلى منصات عربية ومنصات أجنبية.

المنصات العربية:
– أكاديمية خان: تسعى لتقديم شروح مبسطة للرياضيات والعلوم بشكل مجاني ومواكب للعصر في صورة فيديوهات تعليمية، وتتسم بأن شركاءها في هذا المشروع مرموقون من أمثال جامعة “أم آي تي” ووكالة ناسا وأكاديمية كاليفورنيا للعلوم، وكذلك متحف الفن الحديث.

– منصة رواق: تقدم مواد تعليمية في شتى المجالات والتخصصات، لذلك فهي موجهة لمن يريد أن يتعلم، وتمتاز بأنها منصة تفاعلية، تمكن الدارسين والمعلم من التواصل فيما بينهم، وتمنح شهادة بإتمام دراسة المادة.

– منصة إدراك: تأسست بمبادرة من مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية في الأردن، بهدف تحسين حياة الأفراد والمجتمعات والدول من خلال إتاحة التعليم، وتحتوي دروسًا تعليمية مرتبطة بالاقتصاد وريادة الأعمال والعلوم والآداب والفنون وغيرها من فروع المعرفة.

وتمتاز بأنها تعمل بالشَراكة مع منصة “إي دي أكس”، وجامعة هارفرد، والمجلس الثقافي البريطاني، والجامعة الأميركية، وغيرها من المؤسسات التعليمية، التي توفر محاضرات لها مجانا على المنصة.

المنصات الأجنبية:
منصة Edx: توفر أفضل أنواع التعليم عبر الإنترنت، وتعمل بالتعاون مع جامعة هارفرد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة بيركلي، والعديد من المؤسسات المعنية بالتعليم، وتتنوع محاضراتها ما بين العلوم الإنسانية والهندسة واللغة وإدارة الأعمال وعلوم الحاسوب، وتمنح الطلاب شهادات إتمام الدراسة لبعض المواد الدراسية، وتمتاز تلك الشهادات بأنها معترف بها دولياً.

منصة Coursera: تتشابه مع المنصة السابقة في أنها تتعاون مع العديد من المؤسسات التعليمية في مختلف دول العالم، وأيضا في فروع المواد الدراسية المتاحة فيها وتقديم شهادة إتمام الدراسة مقابل رسوم مالية، وتمتاز بأنها معترف بها في العديد من دول العالم.

– منصة Udacity: تسعى لتقديم تعليم ذي مستوى عال ومرن واقتصادي، بهدف تنمية مهارات المتعلم حتى يكون قادرًا على المنافسة في سوق العمل، وتمنح فرصة للتوظيف في الشركات الكبرى لمن ينهي فصله الدراسي بنجاح، وتعمل في مجال صناعة التكنولوجيا والبرامج المتعلقة بها، ويشاركها في المحتوى المقدم من خلالها مؤسسة أمازون وغوغل وفيسبوك وأتش بي وغيرها من المؤسسات المتخصصة في مجال التكنولوجيا.

 

قد يهمك أيضاً: أهم 7 نصائح لتصبح أكثر ثقة بنفسك

وأخيرًا، هناك منصات أخرى يمكن الوصل إليها من خلال البحث على الإنترنت، وأيضاً هناك من وجد لنفسه مساحة في هذا العالم من خلال التعليم الذاتي، وبعضهم اجتهد خارج العالم الافتراضي، ومنهم: الصحفي والمبرمج جوليان أسانج، والمخترع توماس أديسون، والكاتب المصري الراحل عباس محمود العقاد.

ومما ذُكِرَ أعلاه نستنتج أنّهُ مِنَ السهل جدًا في عصرنا هذا الحصول على المعلومات التي نحتاجها لتعلم أي مهارة معينة تقريبًا. لكن لسوء الحظ، يستفيد عدد قليل من الناس من هذه الفرصة المتاحة لهم للتعلم الذاتي.

_ إذا كنت أحد القلة التي ترغب في التعلم الذاتي، فربما تساعدك أحد هده الاستراتيجيات، وهي:

أول ما يجب عليك فعله، هو التخلص من جميع الحواجز العقلية. هذا أهم جزء في العملية التعليمية، لأن العقل هو المكان الذي يبدأ فيه كل شيء.
(إذا لم تصدق أنَّ بإمكانك تعلم أيّ مهارة ذاتيًا، ستستسلم قبل أن تبدء، وتعتبر هذه عقبة الاستسلام التي نبعت من ذاتك).
ثانيًا تعزيز الفكر الإيجابية في نفسك، كأن تعتقد بأنّك قادر على تعلم مهارة صعبة بمفردك.

ثالثًا أن تعرف النهاية، بأن تكون محددًا فيما تريد أن تتعلمه، وتتجنب العشوائية (تصور ما تريد تحقيقه في النهاية، والنتيجة الرائعة التي ستصلُ إليها. (ماذا تريد أن تكون؟ هل تريد أن تتعلم ما يكفي فقط لتتعلم ، أو هل تريد أن تكون خبيرًا في ذلك؟)

⬅ تلعب معرفة النهاية أيضًا دور تحديد مقدار الجهد الذي ستضعه والوقت الذي تريد تخصيصه للمهمة التي تقوم بها.

إذا كنت تقرأ هذا ، فيمكنك الوصول إلى الإنترنت.
هذا يعني أنه يمكنك أيضًا الوصول إلى ما يكفي من الكتب المجانية أو المدفوعة مقابل كتيبات لمساعدتك في جزء النظرية من عملية التعلم , حيث يحتوي الإنترنت على عدد من المقالات والموارد المتناثرة التي يمكن أن تساعد في بناء أساس متين. وهناك المئات من الكتب الإرشادية حول كل مهارة وفرع من المعرفة التي يمكن أن تفكر بها.

إنّ موضوع التعلم الذاتي من المواضيع السهلة لمن يملك الإرادة والإصرار نحو هدفه، ويساهم في خلق جيل مبدع يجيد ما يفعل ويتفنن به لأن ما اختصّ به، اختصّ عن رغبة وحُب ومعرفة وموهبة متمكنة منه.
كما قال الفيلسوف كونفوشيوس: (قل لي وسوف أنسَ … أرني ولعليّ أتذكر … أشركني وسوف أفهم).

قد يهمك أيضاً: قبل التخطيط .. اهم ال لتحديد الأهداف وتحقيقها

 

إعداد أ/ غفران عبيد (استشارية متخصصة في بناء القدرات و تطوير الذات)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى